ولدت بحي فقير، بيت صغير نصطف به في كل ليلة، الأب و الأم و الأولاد الاثنا عشر، كل المنازل المجاورة تعمل و تسير على نفس النموذج و المنهجية،غرفة واحدة و أولاد كثر... المعدل هو اثنا عشر مثل ما يوجد في بيتنا و هناك المستهترون الذين يهرب منهم ابن أو اثنان حتى تصبح الحصيلة 14 أو 13 و هناك من يتظاهر بالنمو و الثقافة و الوعي و نهج سياسة تحديد النسل و يكتفي بسبعة أو ثمانية أو سبعة و نصف.
تساءلت كثيرا عن السبب الذي يجعل هؤلاء الفقراء يلدون أكثر من الأغنياء بأضعاف مضاعفة دون توفير أدنى الحاجيات لنسلهم، لم أجد جوابا إلى الآن، ربما لأنهم يثبتون وجودهم بالتوالد فتبقى المرأة تلد دون مبالاة إلى أن تتدخل قدرة الله و تمنح البلد و البشرية جمعاء راحة أبدية من أولادهم و من قدرتهم على الإنجاب، ربما يتباهون على بعضهم البعض بالتناسل، و ربما يعدون العدة لاسترجاع القدس و الجهاد الأكبر... التناسل... التناسل ..... التناسل ضدا في العدو الصهيوني الذي اخترع أدوات تحديد و منع الحمل، أردت أن ألتقي بهذا العدو و أخبره بأن بتوقف عن صنع تلك الأسلحة الخطيرة التي تدمر بلدان العالم الثالث حتى يتوقفوا عن الإنجاب و تتوقف نساء حيينا عن الحمل.... آه منك يا عدو، كيف سألقاك و أترجاك يا عدوي... و ربما لأنهم يتخذون الإنجاب شكلا من أشكال الانتقام من المجتمع، لو فكر هؤلاء الناس بطريقة أخرى لمنحوا أولادهم فرصة للتنفس و العيش بخير لمَا مات أخواي، و لما تسببوا لي في ضيق في التنفس بسبب الزحام الشديد الذي ابتلعني و إخوتي جميعا.
كان والداي ينامان في ركن الغرفة الأيمن، بينما كنا نحن الذكور في الركن الأيسر، سبعة من رجال المستقبل... ما شاء الله علينا، ممكن أن نصل جميعا إلى بر الأمان، أنا أكون وزيرا للثقافة و أخي سعد وزيرا للرياضة بعد الميدالية الأولمبية التي سيفوز بها بسبب لكماته الدائمة في وجه أختي لبنى السريعة الانفعال، أما رضوان فسيكون رجل أعمال و أفعال مشهور في كل أنحاء العالم و سمير مديرا لمحطة تلفزيونية خاصة لا تحترم لا عادات و لا تقاليد و مراد والي امن و الاثنين الآخران كانا سيكونان طياران لو بقيا في الحياة..... التهمهما الفقر و خنقهما الضيق و ماتا و هما صغيران، لم ابكي عليهما للأسف بل فرحت، لكني الآن أبكي .... كنت معذورا لأني كنت أريد مكانا أكبر لي و لإخوتي و لماما و بابا في تلك الغرفة...... أما أخواتي الأربعة، لبنى سريعة الانفعال و كوثر طويلة الظل و إيمان قليلة الإيمان و مريم الغبية، فكن يحلمن بالابتعاد عن تلك الغرفة الكئيبة و الزواج و العيش في خلاء... في بادية.... في المريخ.... في السجن، المهم فضاء متسع للتنفس و للنوم في هدوء.... كن ينمن في وسط الغرفة، جدار بشري كثيف مكون من الجنس اللطيف بيننا نحن الذكور و بين الحبيبين بابا و ماما، لا نعرف كيف تمكنا من إنجابنا في هذه الوضعية.....
لم أتوقف يوما عن المقارنة بين حال الأغنياء و جال الفقراء من أمثالنا، لا وجه للمقارنة، ملياردير بولد او اثنين و فقير لا عمل له و لا أمل يخلف وراءه عشرة أولاد و لا يترك لهم شيئا ليرثوه فقط دعاوى هنا و هناك و ديون كثيرة لتسديدها، إرث ما أحلاه أحسن من الإرث الذي يخلفه الغني وراءه.. أراضي و معامل و ذمم كثيرة و مدارس خاصة و شركات و قرى بأكملها و ولد أو اثنان... قمة الظلم و غياب واضح للمساواة، لماذا لا تتدخل حكومتنا الراقية و تحل الأزمة عن طريق تقسيم إرث وزيرة الأوقاف علي و على إخوتي، تعطينا النصف و تترك لابنه النصف الآخر..... لن يفعلوا هذا طبعا فالحكومة تجيب بنفس الإجابة التي يجيب بها والدي و المجرمون المماثلون له، مهمتنا أن نلد و الله الرزاق... كنت اخجل منهم.... أردت مرارا أن أقول لهم متى قال لكم ربكم أن تلدوا بالعشرات و تتركوهم متشردين و تنامون بجانبهم دون عمل و لا جهد و تنتظرون الرزق... كل ما تستطيعون فعله هو التفريخ، لكن العيب ليس فيكم إنما في وزير العدل الذي سمى عقد الزواج بعقد النكاح و ترك لكم الفرصة. لماذا لم يسمه بعقد النكاح مع تنظيم النسل أو عقد النكاح و الاعتناء بالأولاد أو عقد النكاح و الإنجاب في حدود المعقول؟...... طبعا لن يفعل فهو أنجب ابنا واحدا و وفر الحياة بين يديه، و من يعلم هل أنجبه بالفعل بعقد النكاح أم أنه فاز به في مسابقة ما أو حصل عليه هدية من شخص ما أو اشتراه من البنك السويسري للأنابيب.... إنسان لا يفكر لماذا لم يتصل بي، كنت سأتوسط له عند والدي ليتصدق عليه بإخوتي الصغار و كنت سأضمن له حرية الاختيار حتى يقتنع شرط أن يحملهم لطبيب عام يفحصهم من أطول شعرة في رؤوسهم إلى ظفر أكبر أصابع الرجل...
بالرغم من كل المعاناة فقد كبر كل أبناء الحي و أصبحوا يتناوبون على المبيت في منازلهم شرط أن لا يضايقوا أخواتهم و آبائهم، كبرت وكبر إخوتي و أخواتي و تزوجت لبنى في البادية براعي إبل، حققت حلمها، كم فرحتُ للسريعة أختي، أما كوثر الطويلة فقد تزوجت عاملا، ليس عامل إقليم و لكن عامل بناء أشرف و أحسن منه، فرحت لها كثيرا لأن زوجها وفر لها بيتا كبيرا خاصا بها لتنام في هدوء و تتنفس في سلام. و حققت مريم الغبية حلمها و تزوجت بمعلم ذكي وفر لهما سكنا خاصا، أما إيمان قليلة الإيمان فقد حصلت على غرفة بالسجن المركزي بسبب المشاكل الكثيرة التي سببتها للعالم.... و نحن الشباب، آه منا نحن الشباب، كبرنا طبعا بالرغم من أننا تعودنا في صغرنا على المبيت بلا عشاء و على صيام الطوارئ لكننا كبرنا بدون أمل و لا أحلام. فقد أصبح سعد وزير الرياضة ملاكما مشهورا يُضرب له ألف حساب، لا يغادر السجن إلا لأيام معدودات ليعود من جديد بسبب لكماته القاتلة، و أصبح رضوان رجل الأعمال تاجرا مشهورا و سمسارا كبيرا يتاجر في أشياء تعجز حكومتنا العاجزة على الاتجار بها علانية، كان يساهم في إنقاذ الحي و العالم من الأولاد، يبيع الكوكايين و الهيروين و المهلكات الأخرى و يضحي بالأموال حتى لا يدخل السجن ثلاثة أفراد من عائلتنا. بينما أصبح سمير، مدير المحطة التلفزيونية الخاصة و الجريئة، طبعا جريئا أكثر من اللازم و كنت أنا أول من يتبرأ من أفعاله الشنيعة و تجمعاته المخلة بالحياء، كل الناس لعنوه بسبب أفعاله و انحرافه و شذوذه. و بقي أنا وزير الثقافة، الإنسان المثقف، تريدون أن تعرفوا مصيري، أما والي الأمن مراد فقد قام بعمل شجاع و جليل من أجل خدمة البشرية و إنقاذ العالم عن طريق قتل قاض ظالم و الانتحار، أما مصيري أنا معالي وزير الثقافة،آه منك يا مصير... أنا الآن حر طليق أتجول في الشارع، أفترش الأرض و ألتحف السماء، لا أثق إلا في كيسي البلاستيكي المريح و الجميل الرائحة بالرغم من أن الآخرين يقولون تفووو... أنا سعيد به، و هو سعيد بي، فهل يا تُرى عرفتم من أنا؟؟؟؟
-------------------------------------------------------------
اتمنى ان تعجبكم القصة و أن لا تزعج احدا، و هي ليست بالواقعية بالنسبة لي لكنها واقع و الواقع جزء من حياتنا حتى و لو كان شاذا
أكثرت عليكم شكرا
18:44
تساءلت كثيرا عن السبب الذي يجعل هؤلاء الفقراء يلدون أكثر من الأغنياء بأضعاف مضاعفة دون توفير أدنى الحاجيات لنسلهم، لم أجد جوابا إلى الآن، ربما لأنهم يثبتون وجودهم بالتوالد فتبقى المرأة تلد دون مبالاة إلى أن تتدخل قدرة الله و تمنح البلد و البشرية جمعاء راحة أبدية من أولادهم و من قدرتهم على الإنجاب، ربما يتباهون على بعضهم البعض بالتناسل، و ربما يعدون العدة لاسترجاع القدس و الجهاد الأكبر... التناسل... التناسل ..... التناسل ضدا في العدو الصهيوني الذي اخترع أدوات تحديد و منع الحمل، أردت أن ألتقي بهذا العدو و أخبره بأن بتوقف عن صنع تلك الأسلحة الخطيرة التي تدمر بلدان العالم الثالث حتى يتوقفوا عن الإنجاب و تتوقف نساء حيينا عن الحمل.... آه منك يا عدو، كيف سألقاك و أترجاك يا عدوي... و ربما لأنهم يتخذون الإنجاب شكلا من أشكال الانتقام من المجتمع، لو فكر هؤلاء الناس بطريقة أخرى لمنحوا أولادهم فرصة للتنفس و العيش بخير لمَا مات أخواي، و لما تسببوا لي في ضيق في التنفس بسبب الزحام الشديد الذي ابتلعني و إخوتي جميعا.
كان والداي ينامان في ركن الغرفة الأيمن، بينما كنا نحن الذكور في الركن الأيسر، سبعة من رجال المستقبل... ما شاء الله علينا، ممكن أن نصل جميعا إلى بر الأمان، أنا أكون وزيرا للثقافة و أخي سعد وزيرا للرياضة بعد الميدالية الأولمبية التي سيفوز بها بسبب لكماته الدائمة في وجه أختي لبنى السريعة الانفعال، أما رضوان فسيكون رجل أعمال و أفعال مشهور في كل أنحاء العالم و سمير مديرا لمحطة تلفزيونية خاصة لا تحترم لا عادات و لا تقاليد و مراد والي امن و الاثنين الآخران كانا سيكونان طياران لو بقيا في الحياة..... التهمهما الفقر و خنقهما الضيق و ماتا و هما صغيران، لم ابكي عليهما للأسف بل فرحت، لكني الآن أبكي .... كنت معذورا لأني كنت أريد مكانا أكبر لي و لإخوتي و لماما و بابا في تلك الغرفة...... أما أخواتي الأربعة، لبنى سريعة الانفعال و كوثر طويلة الظل و إيمان قليلة الإيمان و مريم الغبية، فكن يحلمن بالابتعاد عن تلك الغرفة الكئيبة و الزواج و العيش في خلاء... في بادية.... في المريخ.... في السجن، المهم فضاء متسع للتنفس و للنوم في هدوء.... كن ينمن في وسط الغرفة، جدار بشري كثيف مكون من الجنس اللطيف بيننا نحن الذكور و بين الحبيبين بابا و ماما، لا نعرف كيف تمكنا من إنجابنا في هذه الوضعية.....
لم أتوقف يوما عن المقارنة بين حال الأغنياء و جال الفقراء من أمثالنا، لا وجه للمقارنة، ملياردير بولد او اثنين و فقير لا عمل له و لا أمل يخلف وراءه عشرة أولاد و لا يترك لهم شيئا ليرثوه فقط دعاوى هنا و هناك و ديون كثيرة لتسديدها، إرث ما أحلاه أحسن من الإرث الذي يخلفه الغني وراءه.. أراضي و معامل و ذمم كثيرة و مدارس خاصة و شركات و قرى بأكملها و ولد أو اثنان... قمة الظلم و غياب واضح للمساواة، لماذا لا تتدخل حكومتنا الراقية و تحل الأزمة عن طريق تقسيم إرث وزيرة الأوقاف علي و على إخوتي، تعطينا النصف و تترك لابنه النصف الآخر..... لن يفعلوا هذا طبعا فالحكومة تجيب بنفس الإجابة التي يجيب بها والدي و المجرمون المماثلون له، مهمتنا أن نلد و الله الرزاق... كنت اخجل منهم.... أردت مرارا أن أقول لهم متى قال لكم ربكم أن تلدوا بالعشرات و تتركوهم متشردين و تنامون بجانبهم دون عمل و لا جهد و تنتظرون الرزق... كل ما تستطيعون فعله هو التفريخ، لكن العيب ليس فيكم إنما في وزير العدل الذي سمى عقد الزواج بعقد النكاح و ترك لكم الفرصة. لماذا لم يسمه بعقد النكاح مع تنظيم النسل أو عقد النكاح و الاعتناء بالأولاد أو عقد النكاح و الإنجاب في حدود المعقول؟...... طبعا لن يفعل فهو أنجب ابنا واحدا و وفر الحياة بين يديه، و من يعلم هل أنجبه بالفعل بعقد النكاح أم أنه فاز به في مسابقة ما أو حصل عليه هدية من شخص ما أو اشتراه من البنك السويسري للأنابيب.... إنسان لا يفكر لماذا لم يتصل بي، كنت سأتوسط له عند والدي ليتصدق عليه بإخوتي الصغار و كنت سأضمن له حرية الاختيار حتى يقتنع شرط أن يحملهم لطبيب عام يفحصهم من أطول شعرة في رؤوسهم إلى ظفر أكبر أصابع الرجل...
بالرغم من كل المعاناة فقد كبر كل أبناء الحي و أصبحوا يتناوبون على المبيت في منازلهم شرط أن لا يضايقوا أخواتهم و آبائهم، كبرت وكبر إخوتي و أخواتي و تزوجت لبنى في البادية براعي إبل، حققت حلمها، كم فرحتُ للسريعة أختي، أما كوثر الطويلة فقد تزوجت عاملا، ليس عامل إقليم و لكن عامل بناء أشرف و أحسن منه، فرحت لها كثيرا لأن زوجها وفر لها بيتا كبيرا خاصا بها لتنام في هدوء و تتنفس في سلام. و حققت مريم الغبية حلمها و تزوجت بمعلم ذكي وفر لهما سكنا خاصا، أما إيمان قليلة الإيمان فقد حصلت على غرفة بالسجن المركزي بسبب المشاكل الكثيرة التي سببتها للعالم.... و نحن الشباب، آه منا نحن الشباب، كبرنا طبعا بالرغم من أننا تعودنا في صغرنا على المبيت بلا عشاء و على صيام الطوارئ لكننا كبرنا بدون أمل و لا أحلام. فقد أصبح سعد وزير الرياضة ملاكما مشهورا يُضرب له ألف حساب، لا يغادر السجن إلا لأيام معدودات ليعود من جديد بسبب لكماته القاتلة، و أصبح رضوان رجل الأعمال تاجرا مشهورا و سمسارا كبيرا يتاجر في أشياء تعجز حكومتنا العاجزة على الاتجار بها علانية، كان يساهم في إنقاذ الحي و العالم من الأولاد، يبيع الكوكايين و الهيروين و المهلكات الأخرى و يضحي بالأموال حتى لا يدخل السجن ثلاثة أفراد من عائلتنا. بينما أصبح سمير، مدير المحطة التلفزيونية الخاصة و الجريئة، طبعا جريئا أكثر من اللازم و كنت أنا أول من يتبرأ من أفعاله الشنيعة و تجمعاته المخلة بالحياء، كل الناس لعنوه بسبب أفعاله و انحرافه و شذوذه. و بقي أنا وزير الثقافة، الإنسان المثقف، تريدون أن تعرفوا مصيري، أما والي الأمن مراد فقد قام بعمل شجاع و جليل من أجل خدمة البشرية و إنقاذ العالم عن طريق قتل قاض ظالم و الانتحار، أما مصيري أنا معالي وزير الثقافة،آه منك يا مصير... أنا الآن حر طليق أتجول في الشارع، أفترش الأرض و ألتحف السماء، لا أثق إلا في كيسي البلاستيكي المريح و الجميل الرائحة بالرغم من أن الآخرين يقولون تفووو... أنا سعيد به، و هو سعيد بي، فهل يا تُرى عرفتم من أنا؟؟؟؟
-------------------------------------------------------------
اتمنى ان تعجبكم القصة و أن لا تزعج احدا، و هي ليست بالواقعية بالنسبة لي لكنها واقع و الواقع جزء من حياتنا حتى و لو كان شاذا
أكثرت عليكم شكرا
18:44
السبت يوليو 12, 2014 9:02 pm من طرف زائر
» مين
السبت أبريل 06, 2013 5:09 pm من طرف زائر
» بين الماء والنار
الجمعة أغسطس 17, 2012 4:59 pm من طرف hadoula
» مكالمات لم يرد عليها
الجمعة أغسطس 17, 2012 4:55 pm من طرف hadoula
» سكين في صميم القلب
الجمعة أغسطس 17, 2012 1:09 am من طرف hadoula
» خلف الباب المغلق
الجمعة أغسطس 17, 2012 1:08 am من طرف hadoula
» معلومات ... صدمتني حين عرفتها...
الجمعة أغسطس 17, 2012 1:05 am من طرف hadoula
» طرق تعذيب النايم
الجمعة أغسطس 17, 2012 12:56 am من طرف hadoula
» خذ من الدنيا عبرة , ومن الأمس خبرة
الخميس أغسطس 16, 2012 12:22 am من طرف Magda